اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 401
والغرور نَبَؤُا الَّذِينَ مضوا مِنْ قَبْلِكُمْ مثل قَوْمِ نُوحٍ وَعادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ من الأمم الهالكة لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ المطلع لعموم ما كان ويكون بحيث لا يعزب عن حيطة حضرة علمه مثقال ذرة لا في الأرض ولا في السماء حين جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ المبعوثون إليهم بِالْبَيِّناتِ الواضحات والمعجزات الباهرات المثبتة لرسالاتهم فدعوهم الى الايمان والتوحيد فامروهم بالمعروفات ونهوهم عن المنكرات فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ مشيرين إليها من غاية انكارهم واستهزائهم وَقالُوا إِنَّا كَفَرْنا وقد اعترفنا بالكفر بأفواهنا هذه. قد أخبروا عن كفرهم وكفرانهم بالجملة الماضويه تحقيقا وتقريرا لما هم عليه من الكفر والطغيان بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وبعموم ما قد جئتم به من عند ربكم وَكيف نؤمن لكم إِنَّا لَفِي شَكٍّ عظيم وارتياب تام مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ من الإله الواحد الأحد الفرد الصمد المتصف بجميع صفات الكمال الموجد المظهر للكائنات مُرِيبٍ موقع للريب القوى المؤدى الى الإنكار العظيم إذ المتصف بهذه الصفات لا بد ان يكون اظهر من الشمس مع انه أخفى من كل شيء بل لا وجود له أصلا
قالَتْ لهم رُسُلُهُمْ على سبيل التوبيخ والتقريع أَفِي اللَّهِ الظاهر المتجلى في الأنفس والآفاق بكمال الاستقلال والاستحقاق شَكٌّ وتردد مع كونه فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وموجدهما ومظهرهما من كتم العدم بلا سبق مادة ومدة انما يَدْعُوكُمْ سبحانه الى توحيده بإرسال الرسل وإنزال الكتب لِيَغْفِرَ لَكُمْ بعضا مِنْ ذُنُوبِكُمْ وهو ما بينكم وبينه سبحانه إذ حق الغير لم يسقط ما لم يعف صاحب الحق عنه وَبعد دعوتكم يُؤَخِّرَكُمْ ويمهلكم إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى مقدر من عنده وهو يوم الجزاء ليهيئ كل منكم زاد يومه هذا على الوجه المأمور المبين في الكتب المنزلة على الرسل وبعد ما سمعوا من الرسل ما سمعوا قالُوا مستكبرين عليهم مستهزئين لهم إِنْ أَنْتُمْ ولستم في انفسكم إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا تأكلون وتشربون وتفعلون أنتم جميع ما نفعل نحن تُرِيدُونَ أنتم بأمثال هذه الحيل والتزويرات الباطلة أَنْ تَصُدُّونا وتنصرفونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا وأسلافنا من الآلهة والأصنام وان صدقتم في دعواكم هذه فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ وبحجة واضحة لائحة نقترحها نحن منكم
قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ مسلمين منهم المشاركة في الجنس إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ نشارك لكم في عموم احوال البشر وأوصافه ولوازمه على الوجه الذي قررتم أنتم وَلكِنَّ اللَّهَ المنعم المفضل يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ بمقتضى جوده وإحسانه بفضائل مخصوصة وكرائم غير شاملة حسب تفاوت مراتبهم واستعداداتهم المثبتة في علم الله ولوح قضائه وَاما امر مقترحاتكم فانه ما كانَ وما صح وما جاز لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ وبرهان أنتم تقترحون به إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وبتوفيقه ووحيه واقداره وتمكينه ان تعلق ارادته بصدوره منا وَعَلَى اللَّهِ لا على غيره من الأسباب والوسائل العادية فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ الموحدون المفوضون أمورهم كلها الى الله أولا وبالذات بحيث لا يعتقدون الحول والقوة الا بالله المستقل في ذاته وأوصافه وأفعاله
وَبعد ما ايسوا عنهم وعن صلاحهم اشتغلوا الى تزكية نفوسهم وتصفية قلوبهم حيث قالوا من كمال شوقهم وودادتهم ما لَنا واى عذر قد عرض لنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ المصلح لأحوالنا ولم لم نتخذه وكيلنا وكفيلنا وَالحال انه سبحانه بمقتضى لطفه وجماله قَدْ هَدانا وأوضح لنا سُبُلَنا لنسلك بها نحو توحيده وعرفانه مع ان عموم ما جرى علينا من المنافع والمضار انما
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 401